فصل: باب ميراث السائبة وولاء من اعتق اليهودي والنصراني

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


باب ميراث السائبة وولاء من اعتق اليهودي والنصراني

1497- مالك انه سال بن شهاب عن السائبة قال يوالي من شاء فان مات ولم يوال احدا فميراثه للمسلمين وعقله عليهم قال مالك ان احسن ما سمع في السائبة انه لا يوالي احدا وان ميراثه للمسلمين وعقله عليهم قال ابو عمر قوله ‏(‏احسن ما سمعت‏)‏ انه يدلك على ما سمع في ميراث السائبة غير ما استحسنه وذهب إليه والذي ذهب إليه في السائبة قد روي عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز الا ان ما روي عن عمر بن الخطاب ليس بالبين لانه انما روي عنه السائبة ليومها فمن ذهب مذهب مالك قال أي لا تعود في شيء منها واما عمر بن عبد العزيز فقال ميراثه للمسلمين وعقله عليهم وكان بن شهاب ويحيى بن سعيد وطائفة يرون للسائبة ان يوالي من شاء فان والى من شاء احدا كان ميراثه له وعقله عليه فان لم يوال احدا كان ميراثه وعقله على جماعة المسلمين وبه قال الاوزاعي والليث وكان بن مسعود يقول السائبة يضع ماله حيث شاء رواه الثوري عن سلمة بن كهيل عن ابي عمرو الشيباني عن بن مسعود وكان الشعبي وابراهيم يقولان لا باس ببيع ولاء السائبة وهبته وقد كره بن عمر ان يأخد مال مولى اعتقه سائبة وامر به فاشتري به رقاب واعتقها والنظر يشهد له لو لم تر المال له ما فضل ذلك فيه وقال ابو حنيفة والشافعي واصحابهما واحمد واسحاق وابو ثور وداود ولاء السائبة لمعتقه لا لاحد غيره وليس له ان يوالي احدا وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏انما الولاء لمن اعتق‏)‏ ونهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته وقال صلى الله عليه وسلم ‏(‏الولاء كالنسب لا يباع ولا يوهب‏)‏ وروى ابو قيس - عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل قال جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال اني اعتقت غلاما لي سائبة فمات وترك مالا فقال عبد الله ان اهل الاسلام لا يسيبون انما كانت تسيب الجاهلية انت وارثة وولي نعمته وروى يحيى بن يحيى عن عمر بن نافع قال لست اخذ بقول مالك فيمن اعتق سائبة واقول ولاؤه له ولا سائبة عندنا اليوم في الاسلام وممن قال بهذا في ميراث السائبة الحسن وبن سيرين والشعبي والنخعي وراشد بن سعد وضمرة بن حبيب قال مالك في اليهودي والنصراني يسلم عبد احدهما فيعتقه قبل ان يباع عليه ان ولاء العبد المعتق للمسلمين وان اسلم اليهودي او النصراني بعد ذلك لم يرجع إليه الولاء ابدا قال ولكن اذا اعتق اليهودي او النصراني عبدا على دينهما ثم اسلم المعتق قبل ان يسلم اليهودي او النصراني الذي اعتقه ثم اسلم الذي اعتقه رجع إليه الولاء لانه قد كان ثبت له الولاء يوم اعتقه قال مالك وان كان لليهودي او النصراني ولد مسلم ورث موالي ابيه اليهودي او النصراني اذا اسلم المولى المعتق قبل ان يسلم الذي اعتقه وان كان المعتق حين اعتق مسلما لم يكن لولد النصراني او اليهودي او المسلمين من ولاء العبد المسلم شيء لانه ليس لليهودي ولا للنصراني ولاء فولاء العبد المسلم لجماعة المسلمين قال ابو عمر على ما رواه مالك وذهب إليه في النصراني يعتق عبده اذا اسلم قبل ان يباع عليه جماعة اصحابه واما جمهور العلماء فمذهبهم ان ولاء العبد المسلم اذا اعتقه النصراني لسيده النصراني لان الولاء نسب من الانساب لا يباع ولا يوهب ولكنه ليس يرثه ان مات لاختلاف الدينين كما لا يرث الاب ابنه ولا الابن اباه لو اسلم احدهما والاخر كافر لقوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم‏)‏ فان اسلم الاخر بعد اسلام الاول منهما ورثه فكذلك الولاء اذا اعتق كافر مسلما لم يرثه الا ان يسلم فان اسلم ورثه هذا قول الشافعي وابي حنيفة وأصحابه والثوري واحمد واسحاق وابي ثور وبه اقول وقد اجمع المسلمون على ان عتق النصراني او اليهودي لعبده المسلم صحيح نافذ جائز عليه واجمعوا انه اذا اسلم عبد الكافر فبيع عليه ان ثمنه يدفع إليه فدل على انه على ملكه بيع وعلى ملكه ثبت العتق له الا ان ملكه غير مستقر لوجوب بيعه عليه فذلك والله اعلم لقول الله عز وجل ‏(‏ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا‏)‏ ‏[‏النساء 141‏]‏‏.‏

يريد الاسترقاق والملك والعبودية ملكا مستقرا لانه اذا فطن لملكه له بيع عليه وقد اختلف العلماء في شراء الكافر العبد المسلم على قولين احدهما ان البيع مفسوخ والثاني ان البيع صحيح ويباع على المشتري وياتي في كتاب البيوع - ان شاء الله تعالى ولم يختلفوا في الذمي يعتق الذمي ثم يسلم احدهما قبل صاحبه ثم يسلم الاخر انه يرث منهما السيد مولاه الذي انعم بالعتق عليه فان لم يسلم المعتق وكان له ولد مسلم ورثه الابن المسلم وعد ابوه كالميت في الميراث ما دام كافرا كما رسمه مالك - رحمه الله ولو ان الحربي يعتق عبده على دينه ثم يخرجان الينا مسلمين فان مالكا قال هو مولاه يرثه وهو قياس قول الشافعي واستحسنه ابو يوسف وقال ابو حنيفة اذا اعتق الحربي عبده في دار الحرب ثم خرجا الينا مسلمين فللعبد ان يوالي من شاء ولا يكون ولاؤه للمعتق وقد قال بن القاسم اذا خرج العبد المعتق الينا مسلما ثم خرج سيده مسلما عاد إليه الولاء وقال اشهب لا يعود إليه الولاء ابدا لانه لما خرج مسلما قبل سيده ثبت ولاؤه للمسلمين روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اعتق عبيدا خرجوا إليه من الطائف مسلمين ثم اسلم سادتهم فلم يرجع اليهم ولاؤهم وهؤلاء لم يكن واحد منهم اعتق قبل الخروج وانما ملكوا انفسهم بخروجهم كما كان يملكهم المسلمون لو سبوهم واخذوهم عنوة فليس بخروجهم فليس لهم في هذا الحديث حجة والله اعلم وهو المستعان‏.‏

كتاب المكاتب

باب القضاء في المكاتب

1498- مالك عن نافع ان عبد الله بن عمر كان يقول المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء‏.‏

1499- مالك انه بلغه ان عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء قال مالك وهو رايي قال ابو عمر على هذا راي جماعة فقهاء الامصار ان المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء الا ان بعضهم يقول لا يكون حرا باداء كتابته الا ان يكون في عقد كتابته فاذا اديت ذلك فانت حر يشترط ذلك فيه على نفسه في عقد الكتابة هذا قول الشافعي وعند مالك وابي حنيفة واصحابهما لا يضر المكاتب ان لا يقول له مولاه في حين كتابته اياه اذا اديت الي جميع كتابتك فانت حر ويعتق اذا ادى ذلك إليه قال ابو عمر قولهما لكان عبدا ما بقي عليه من كتابته شيء دليل على انه حر اذا لم يبق عليه شيء فاما السلف قبلهم فقد روي عنهم في ذلك اختلاف كثير منه ان المكاتب ان اعقدت له الكتابة فهو غريم من الغرماء لا يرجع إلى الرق ابدا لانه قد ابتاع نفسه من سيده بثمن معلوم إلى اجل معلوم وهذا قول تردده السنة الثابتة في قصة بريرة من حديث عائشة وغيرها ان بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا هكذا رواه الليث بن سعد عن بن شهاب عن عروة عن عائشة ان بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا ورواه مالك عن بن شهاب عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة انها قالت ‏(‏جاءتني بريرة فقالت اني كاتبت اهلي على تسع اواق في كل عام اوقية فاعينيني فقالت عائشة ان احب اهلك ان اعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت‏)‏ وفي حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت ‏(‏ان احب اهلك ان اصب لهم ثمنك صبة واحدة واعتقك فعلت‏)‏ فهذا يدل ويبين ان المكاتب عبد جائز بيعه للعتاقة اذا عقدت كتابته ولم يؤد منها شيئا وانه لو كان يعقد كتابته حرا غريما من الغرماء لم يجز بيعه عند اكثر العلماء وسنذكر اختلافهم في جواز بيع المكاتب للعتق قبل ان يعجز وبعد ذلك في موضعه ان شاء الله تعالى فهذا وجه واحد من وجوه اختلاف السلف في حكم المكاتب وقول من اقوالهم وقول ثان انه اذا عجز يعتق منه بقدر ما ادى ويورث ويرث ويؤدي بقدر ما ادى من الكتابة روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن علي - رضي الله عنه وهو حديث يرويه يحيى بن ابي كثير عن عكرمة عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يؤدي المكاتب بقدر ما ادى دية حر وبقدر ما رق منه دية عبد‏)‏ هكذا رواه مسندا متصلا عن يحيى بن ابي كثير هشام الدستوائي وعمر بن راشد ومعاوية بن سلام وغيرهم قال ابو عمر حدثناه سعيد وعبد الوارث قالا حدثني قاسم قال حدثني محمد بن وضاح قال حدثني ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي عن يحيى بن ابي كثير عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم روى حماد بن زيد عن ايوب عن عكرمة ان مكاتبا قتل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد ادى بعض كتابته فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يؤدي بما ادى من كتابته دية حر وما بقي دية مملوك‏)‏ لم يذكر فيه بن عباس واما الرواية بذلك عن علي - رضي الله عنه - فذكر عبد الرزاق ووكيع عن سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن الشعبي عن علي قال يعتق المكاتب بقدر ما ادى ومعمر عن قتادة ان عليا قال في المكاتب يورث بقدر ما ادى ويجلد الحد بقدر ما ادى ويعتق منه بقدر ما ادى وتكون ديته بقدر ما ادى وايوب عن عكرمة ان عليا قال المكاتب يعتق منه بقدر ما ادى فان قيل ان قتادة عن خلاس عن علي والحجاج بن ارطاة عن حصين عن الشعبي عن الحارث عن علي قال اذا عجز المكاتب يستسعى حولين واستوفى به حولين فان دخل في السنة الثانية ولم يؤد نجومه رد في الرق قبل هذا يحتمل ان يكون المكاتب لم يكن ادى من نجومه شيئا فاستوفى به ما ذكر فلما لم يؤد شيئا من نجومه رد في الرق ويشهد لهذا حديث بن شهاب عن عروة عن عائشة ان بريرة جاءت تستعين عائشة في كتابتها ولم تكن قضت من مكاتبتها شيئا وقول ثالث انه اذا ادى شطر كتابته فهو غريم من الغرماء لا يرجع إلى الرق ابدا روى معمر عن عبد الرحمن بن عبد الله عن القاسم بن عبد الرحمن عن جابر بن سمرة عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال اذا ادى المكاتب الشطر فلا رق عليه وقال بن جريج سمعت بن ابي مليكة يقول كتب عبد الملك بن مروان اذا قضى المكاتب شطر كتابته فهو غريم من الغرماء وروى وكيع عن المسعودي عن جابر عن القاسم قال قال عمر اذا ادى المكاتب النصف فلا رد عليه في الرق وقول رابع اذا ادى الثلث فهو غريم ذكر عبد الرزاق ووكيع عن الشعبي عن جابر ان بن مسعود وشريحا كانا يقولان اذا ادى الثلث فهو غريم والثوري عن طارق عن الشعبي قال قال بن مسعود اذا ادى الثلث فهو غريم وقول خامس اذا ادى الثلاثة الارباع وبقي الربع فهو غريم قال بن جريج قلت لعطاء ما الذي اذا بلغه المكاتب من القضاء في كتابته ثم عجز لم يعد عبدا قال ما اعلمه ولا سمعت فيه شيئا قلت لعطاء فما ترى ان بقي الثلث قال فقلت الربع قال نعم ارى اذن ان لا يعود وقول سادس ان المكاتب اذا ادى قيمته فهو غريم ذكر عبد الرزاق عن بن عيينة عن إسماعيل بن ابي خالد عن الشعبي ان شريحا كان يقول اذا ادى المكاتب قيمته فهو غريم قال الشعبي وكان يقول فيه بقول بن مسعود وعن الثوري عن جابر عن الشعبي ان بن مسعود وشريحا كانا يقولان اذا ادى الثلث فهو غريم قال الثوري واما مغيرة فاخبرني عن ابراهيم ان بن مسعود قال اذا ادى ثمنه فهو غريم قال ابو عمر اختلف عنه بن مسعود فيه من رواية الشعبي ورواية ابراهيم ايضا ذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني حفص عن الاعمش عن ابراهيم واشعث وعن الشعبي قالا قال عبد الله اذا ادى المكاتب ثلث كتابته فهو غريم وقد تقدم من رواية المغيرة عن ابراهيم ان بن مسعود قال اذا ادى ثمنه فهو غريم وقول سابع ان المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وما بقي عليه شيء روي ذلك عن بن عمر من وجوه وعن زيد بن ثابت وعائشة وام سلمة لم يختلف عنهم في ذلك ذكر عبد الرزاق قال اخبرنا الثوري قال اخبرنا طارق بن عبد الرحمن عن الشعبي قال وقال زيد بن ثابت المكاتب عبد بقي عليه درهم ووكيع عن إسماعيل عن الشعبي عن سفيان بن ابي نجيح عن مجاهد جميعا عن زيد بن ثابت مثله وعن معمر عن عبد الكريم الجزري عن ميمون بن مهران عن عائشة انها قالت لمكاتب من اهل الجزيرة يقال له حمران ادخل علي ولو بقي عليك عشرة دراهم وعن معمر عن يحيى بن ابي كثير عن سالم مولى دوس - قال قالت لي عائشة انت عبد ما بقي عليك من كتابتك شيء وعن معمر عن قتادة ان عائشة قالت هو عبد ما بقي عليه درهم وعن معمر عن يحيى بن ابي كثير عن مسلم بن جندب عن بن عمر انه قال عبد ما بقي عليه درهم وهو قول سعيد بن المسيب وجمهور فقهاء المدينة وقول الشعبي وابراهيم وبن شهاب الزهري والحكم والحارث العكلي وقتادة وعمر بن عبد العزيز وبه قال جماعة اهل الفتوى بالامصار مالك وعبد العزيز والليث والثوري والاوزاعي وابو حنيفة والشافعي واصحابه واحمد واسحاق قال حدثني عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني هارون بن عبد الله قال حدثني ابو بدر قال حدثني ابو عتبة قال حدثني سليمان عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه درهم قال ابو عمر ابو عتبة هو عندي هو عندي إسماعيل بن عياش وسليمان هو سليمان بن موسى الاشدق والله اعلم واما ابو بدر هو شجاع بن الوليد السكوني قال ابو داود‏.‏

وحدثني محمد بن المثنى قال حدثني عبد الصمد قال حدثني همام قال حدثني عباس الجريري عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏ ايما عبد كاتب على مائة اوقية فاداها الا عشر اواق فهو عبد‏)‏ ‏(‏وايما عبد كاتب على مائة دينار فاداها الا عشرة دنانير فهو عبد‏)‏ وهكذا رواه حجاج بن ارطاه عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي في معنى قوله هو ما بقي عليه شيء كما قال عز وجل ‏(‏ومن اهل الكتاب من ان تامنه بقنطار يوده اليك ومنهم من ان تامنه بدينار لا يوده اليك‏)‏ ال عمران 75 اراد القليل بذكر الدينار بعد ذكره القنطار واراد الكثير بذكره القنطار ولم يرد الدينار بعينه خاصة ولا القنطار بعينه خاصة ومثل هذا ما روي منقطعا عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏من كاتب مكاتبا على مائة فقضاها كلها الا عشرة دراهم فهو عبد او على مائة اوقية فقضاها كلها الا اوقية فهو عبد‏)‏ رواه بن جريج عن عطاء الخرساني عن عبد الله بن عمرو بن العاص واما ما رواه عكرمة بن عمار عن يحيى بن ابي كثير عن بن عباس قال اذا بقي على المكاتب خمس اواق او خمس ذود او خمسة اوسق فهو تحريم فخطا لا يعرج عليه وانما الحديث ليحيى بن ابي كثير عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا يعتق من المكاتب بقدر ما ادى على ما قد ذكرناه عنه وعكرمة بن عمار لا يحتج به وقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ان المكاتب عبد ما بقي عليه شيء خلاف ما تقدم عنه ذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني ابو خالد الاحمر عن بن ابي عروبة عن قتادة عن معبد الجهني عن عمر قال ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه درهم‏)‏ وهذا الإسناد خير من الاسناد عنه بان المكاتب اذا ادى الشطر فلا رق عليه وروي عن عثمان - رضي الله عنه ايضا ذكره ابو بكر قال حدثني يزيد بن هارون عن عباد بن منصور عن حماد بن ابراهيم عن عثمان قال هو عبد ما بقي عليه درهم وهذا اولى ما قيل به في هذا الباب والله الموفق للصواب قال مالك فان هلك المكاتب وترك مالا اكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في كتابته او كاتب عليهم ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته قال ابو عمر في هذه المسالة للعلماء ثلاثة اقوال احدها ما قاله مالك لانه ولده الذين كاتب عليهم او ولدوا في كتابته حكمهم كحكمه وعليهم السعي فيما بقي من كتابته لو لم يتخلفوا مالا ولا يعتقون الا بعتقه ولو ادى عنهم ما رجع عليهم بذلك لانهم يعتقون عليه فهو اولى بميراثه لانهم مساوون له في جميع حاله والقول الثاني انه يؤدى عنه من ماله جميع كتابته وجعل كانه مات حرا ويرثه جميع ولده وسواء في ذلك من كان حرا قبل موته من ولده ومن كاتب عليهم او ولدوا في كتابته لانهم قد استووا في الحرية كلهم حين تادت عنه كتابته روي هذا القول عن علي وبن مسعود - رضي الله عنهما ومن التابعين عن عطاء والحسن وطاوس وابراهيم وبه قال فقهاء الكوفة الثوري وابو حنيفة واصحابه والحسن بن صالح بن حي واليه ذهب إسحاق والقول الثالث ان المكاتب اذا مات قبل ان يؤدي جميع كتابته فقد مات عبدا وكل ما يخلفه من المال لسيده فلا يرثه احد من اولاده لا الاحرار ولا الذين ولدوا معه في كتابته لانه لما مات قبل ان يؤدي جميع كتابته فقد مات عبدا وماله لسيده ولا يصح عتقه بعد موته لانه محال ان يعتق عبد بعد موته وعلى ولده الذين كاتب عليهم او ولدوا في كتابته ان يسعوا في باقي الكتابة ويسقط عنهم منها مقدار حصته فان ادوا عتقوا لانهم كانوا فيها تبعا لابيهم وان لم يؤدوا ذلك رقوا هذا قول الشافعي وبه قال احمد بن حنبل وهو قول عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وعمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة قال ابو عمر على قول مالك يموت المكاتب في هذه المسألة مكاتبا على قول الكوفي يموت حرا وعلى قول الشافعي يموت عبدا‏.‏

1500- مالك عن حميد بن قيس المكي ان مكاتبا كان لابن المتوكل هلك بمكة وترك عليه بقية من كتابته وديونا للناس وترك ابنته فأشكل على عامل مكة القضاء فيه فكتب إلى عبد الملك بن مروان يساله عن ذلك فكتب إليه عبد الملك ان ابدأ بديون الناس ثم اقض ما بقي من كتابته ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه قال ابو عمر قد جهل بعض من الف في الحجة لمالك من اصحابنا او تجاهل فقال ان مالكا يقول بهذا الخبر الذي ذكره عن عبد الملك بن مروان وان ابنة هذا المكاتب كانت معه في كتابته ولهذا ورثها منه فان لم يكن هذا جهلا فهو قبيح من التجاهل لان الخبر محفوظ من وجوه ان ابنته كانت حرة ومالك لا يقول بذلك ولا ياخذ بحديث عبد الملك هذا وقد احتج محمد بن الحسن بحديث مالك هذا عن حميد بن قيس على من قال بقول مالك في ان المكاتب لا يرثه ورثته الاحرار اذا مات قبل العتق وانما يرثه من معه من ورثته في كتابته قال حدثني مالك عن حميد بن قيس ان مكاتبا كان لابن المتوكل فذكره وقال بن وهب كيف ترك اهل المدينة ما روى مالك فقيه اهل المدينة في زمانه وهو عندنا الصواب قال ابو عمر ذكر عبد الرزاق عن بن جريج قال سمعت بن ابي مليكة يذكر ان عبادا مولى بن المتوكل مات مكاتبا وقد قضى النصف من كتابته وترك مالا كثيرا وابنة له حرة كانت امها حرة فكتب عبد الملك ان يقضي ما بقي من كتابته وما بقي من ماله بين ابنته ومواليه قال بن جريج وقال لي عمرو بن دينار ما اراه كله الا لابنته قال ابو عمر ذهب عمرو بن دينار في ذلك إلى الرد على الابنة لان المولى لا يرث مع البنين ولا مع البنات ولا مع احد من العصبات عند اهل الرد من اهل الفرائض وهذا القضاء الذي قضى به عبد الملك وقد تقدمه إليه معاوية ذكر معمر عن قتادة عن معبد الجهني قال سالني عبد الملك بن مروان عن المكاتب يموت وله ولد احرار وترك من المال اكثر مما بقي عليه فقلت له فيها قضى عمر ومعاوية بقضاءين وعمر خير من معاوية وقضاء معاوية احب الي من قضاء عمر قال ولم قال قلت لان داود كان خيرا من سليمان وفهمها سليمان قضى عمر ان ماله كله لسيده وقضى معاوية ان سيده يعطى بقية كتابته ثم ما بقي فهو لولده الاحرار ومعمر عن إسماعيل ابي المقدام انه سمع عكرمة يحدث ان معاوية قضى بذلك وروى الثوري عن طارق عن الشعبي ان زيد بن ثابت قال المال كله لسيده قال مالك الامر عندنا انه ليس على سيد العبد ان يكاتبه اذا ساله ذلك ولم اسمع ان احدا من الائمة اكره رجلا على ان يكاتب عبده وقد سمعت بعض اهل العلم اذا سئل عن ذلك فقيل له ان الله تبارك وتعالى يقول ‏(‏فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

يتلو هاتين الايتين ‏(‏واذا حللتم فاصطادوا‏)‏ ‏[‏المائدة 2‏]‏‏.‏

‏(‏فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله‏)‏ ‏[‏الجمعة 10‏]‏‏.‏

قال مالك وانما ذلك امر اذن الله عز وجل فيه للناس وليس بواجب عليهم قال ابو عمر اختلف العلماء في وجوب الكتابة على السيد لعبد اذا ابتاعها منه وفيه خير واختلفوا ايضا في قوله عز وجل ‏(‏ان علمتم فيهم خيرا‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

فقالت طائفة الخير المال والغنى والاداء وقال اخرون الصلاح والدين وقال اخرون الخير ها هنا حرفة يقوى بها على الاكتساب وكرهوا ان يكاتبوا من لا حرفة له فيبعثه عدم حرفته على السؤال وقال اخرون الدين والامانة والقوة على الاداء وقال اخرون الصدق والقوة على طلب الرزق قاله مجاهد وعطاء قال عطاء هو مثل قوله تعالى ‏(‏وانه لحب الخير لشديد‏)‏ ‏[‏العاديات 8‏]‏‏.‏ و‏(‏ان ترك خيرا الوصية‏)‏ ‏[‏البقرة 180‏]‏‏.‏

قال بن جريج قلت لعطاء ارايت ان لم اعلم عنده مالا وهو رجل صدق قال ما احسب خيرا الا المال وقاله مجاهد وقال عمرو بن دينار هو كل ذلك المال والصلاح وقال طاوس المال والامانة وقال الحسن واخوه سعيد والضحاك وابو رزين وزيد بن اسلم وعبد الكريم الخير المال وقال سفيان الدين والامانة‏.‏

وقال الشافعي اذا جمع القوة على الاكتساب والامانة وروى معمر عن ايوب عن بن سيرين عن عبيدة في قوله تعالى ‏(‏فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

قال ان علمتم عندهم امانة والثوري عن مغيرة عن ابراهيم قال صدقا ووفاء قال ابو عمر من لم يقل ان الخير هنا المال انكر ان يقال ‏(‏ان علمتم فيهم خيرا‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

مالا قال ويقال علمت فيه الخير والصلاح والامانة ولا يقال علمت فيه المال وانما يقال علمت عنده المال ومن قال ان مال المكاتب لسيده اذا عقدت كتابته فلا يكون الخير عنده الا القوة على الكسب والتحرف ومن كره ان يكاتب من لا حرفة له ولا قوة على الاكتساب احتج بما رواه يحيى القطان عن ثور بن يزيد عن يونس بن سيف عن حكيم بن حزام قال كتب عمر بن الخطاب إلى عمير بن سعد اما بعد فانه من قبلك من المسلمين ان يكاتبوا ارقاءهم على مسالة الناس وسفيان عن عبد الكريم الجزري عن نافع عن بن عمر انه كان يكره ان يكاتب غلامه اذا لم يكن له حرفة ويقول تامروني ان اكل اوساخ الناس وروى وكيع عن سفيان عن ابي جعفر الفراء عن بن ابي ليلى الكندي ان سلمان اراد ان يكاتب عبده فقال من اين قال اسال الناس قال اتريد ان تطعمني اوساخ الناس وابى ان يكاتبه قال ابو عمر هذا تنزه واختيار والله اعلم وقد كوتبت بريرة ولا حرفة لها وبدات بسؤال الناس من حين كوتبت وتذبذب الناس إلى عون المكاتب ‏!‏ لما فيه من عتق الرقاب وروى الثوري عن ابي جعفر الفراء عن جعفر بن ابي سروان عن ابي التياح مؤذن علي قال قلت لعلي اكاتب وليس لي مال قال نعم ثم حصن الناس علي فأعطيت ما فضل عن كتابتي فأتيت عليا فقال اجعلها في الرقاب واما اختلاف اهل العلم في معنى قوله تعالى ‏(‏فكاتبوهم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

فهل هي على الوجوب او على الندب والارشاد فان مسروق بن الاجدع وعطاء بن ابي رباح وعمرو بن دينار والضحاك بن مزاحم وجماعة اهل الظاهر كانوا يقولون واجب على كل من سأله مملوكه وعلم عنده خيرا ان يعقد له كتابته مما يتراضيان به واحتجوا بأن عمر بن الخطاب اجبر انس بن مالك على كتابة لعبده سيرين ابي محمد بن سيرين بالدرة وروى قتادة وموسى بن انس بن مالك ان سيرين والد محمد بن سيرين سأله الكتابة وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر فقال عمر لانس كاتبه فأبى فضربه بالدرة وتلا ‏(‏ فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

فكاتبه انس وقد قيل ان عمر رفع الدرة على انس لانه ابى ان يأتيه شيئا من كتابته لا على عقد الكتابة اولا وقال بن جريج قلت لعطاء واجب على اذا علمت له مالا ان اكاتبه فقال ما اراه الا واجبا وقالها عمرو بن دينار‏.‏

وقال مالك والشافعي وابو حنيفة واصحابهم والثوري وهو قول الحسن والشعبي ليس على السيد ان يكاتب عبده اذا سأله ذلك وان كان ذا مال الا ان يريد السيد قال ابو عمر قد ينعقد الاجماع بأنه لو سأله ان يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك وكذلك مكاتبته لانه لا يبيع له من نفسه وكذلك لو قال له اعتقني او دبرني او زوجني لم يلزمه ذلك باجماع فكذلك الكتابة لانها معاوضة لا تصح الا عن تراض وقوله عز وجل ‏(‏فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

مثل قوله ‏(‏وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم‏)‏ ‏[‏النور 32‏]‏‏.‏

وذلك كله ندب وارشاد واذن كما قال مالك وقاله زيد بن اسلم وقاله إسحاق اذا اجتمع في العبد الامانة والمال وسأل سيده ان يكاتبه لم يسعه الا مكاتبته ولا يجبره الحاكم على ذلك واخشى ان يأثم ان لم يفعل وقد انكر جماعة من اهل العلم على من جعل قوله عز وجل ‏(‏فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

مثل قوله ‏(‏واذا حللتم فاصطادوا‏)‏ ‏[‏المائدة 2‏]‏‏.‏

وقوله ‏(‏فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض‏)‏ ‏[‏الجمعة 10‏]‏‏.‏

وهذان الامران ورد كل واحد منهما بعد حظر ومنع فكان معناهما الاباحة والخروج من ذلك الحظر لانه عز وجل قال ‏(‏لا تقتلوا الصيد وانتم حرم‏)‏ ‏[‏المائدة 95‏]‏‏.‏

وقال تعالى ‏(‏وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما‏)‏ ‏[‏المائدة 96‏]‏‏.‏

فمنعهم من الصيد ما داموا محرمين ثم قال لهم ‏(‏واذا حللتم فاصطادوا‏)‏ ‏[‏المائدة 2‏]‏‏.‏

فعلم ان معنى هذا الامر الاباحة لما حظر عليهم من الصيد ومنعوا منه لا ايجاب الاصطياد وكذلك منعوا من التصرف والاشتغال بكل ما يمنع من السعي إلى الجمعة اذا نودي لها وامروا بالسعي لها ثم قال لهم ‏(‏ فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض‏)‏ ‏[‏الجمعة 10‏]‏‏.‏

فعلم اهل اللسان ان معنى الامر بالانتشار في الارض اباحة لمن شاء واجمع على ذلك اهل العلم وفهموه من معنى كتاب ربهم فقالوا لا بأس بترك الصيد لمن حل من احرامه ولا بأس بالقعود في المسجد الجامع لمن قضى صلاة الجمعة واما الامر بالكتابة لمن ابتغاها من العبيد فلم يتقدم نهي من الله عز وجل بأن لا يكاتبوا فيكون الامر اباحة بالصيد والانتشار في الارض وقد زعم بعض اصحابنا ان قول الله تعالى ‏(‏لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم‏)‏ ‏[‏النساء 29‏]‏‏.‏

تقتضي النهي عن الكتابة لان مال العبد لسيده أخذه منه كما له ان يؤاجره يقال فلو لم يؤذنوا لنا في الكتابة لكنا ممتنعين منها بالاية التي ذكرنا قال ولولا قوله عز وجل ‏(‏فكاتبوهم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

ما جازت الكتابة قال مالك وسمعت بعض اهل العلم يقول في قول الله تبارك وتعالى ‏(‏وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

ان ذلك ان يكاتب الرجل غلامة ثم يضع عنه من اخر كتابته شيئا مسمى قال مالك فهذا الذي سمعت من اهل العلم وادركت عمل الناس على ذلك عندنا قال مالك وقد بلغني ان عبد الله بن عمر كاتب غلاما له على خمسة وثلاثين الف درهم ثم وضع عنه من اخر كتابته خمسة الاف درهم قال ابو عمر قد اختلف العلماء ايضا في معنى قوله تعالى ‏(‏وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

فقال بعضهم ذلك على الايجاب على السيد وقال اخرون ذلك على الندب هذا قول مالك واصحابه وقول ابي حنيفة واصحابه قالوا هذا على الندب والحض على الخير الا انه عند مالك اصل وهو مع ذلك لا يقضي به ولا يجب عليه وقال اخرون لم يرد بذلك السيد وانما اريد بذلك جماعة الناس ندبوا إلى عون المكاتبين فأما اهل الظاهر فالكتابة عندهم اذا سألها العبد واجبة والايتاء لهم من السيد واجب يضع عنه من كتابته ما شاء‏.‏

وقال الشافعي واجب عليه ان يضع عنه من كتابته ما شاء ويجبره الحاكم على ذلك ولم يجد في ذلك شيئا وهو لا يرى الكتابة لغيره اذا سأله اياها واجبة لقيام الدليل عنده على ذلك ولم يكن الايتاء عند ذلك لانه امر لا يعترضه اصل وراى ان عطف الواجب على الندب في القران ولسان العرب كما قال الله تعالى ‏(‏ان الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذى القربى ‏)‏ ‏[‏النحل 90‏]‏‏.‏

وما كان مثل هذا‏.‏

وقال مالك يندب السيد إلى ان يضع عنه من الكتابة شيئا في اخر كتابته من غير ان يجبر على ذلك ولم يحد ايضا في ذلك حدا واستحب ان يكون ذلك ربع الكتاب وكذلك استحب ذلك الشافعي الا انه يوجب الايتاء ومالك يندب إليه وقول مالك اصح ‏!‏ لان الواجب لا تكون الا معلومة ولانه قد اجمعوا ان الكتابة لا تكون الا على شيء معلوم فلو ان الوضع منها يكون واجبا مجهولا لال ذلك الى جهل مبلغ الكتابة واما استحبابهم ان يكون الوضع ربع الكتابة فانه روي ذلك عن علي رضي الله عنه ورواه بعض الرواة مرفوعا إلى النبي - والصحيح انه موقوف على علي من قوله ومن المرفوع فيه ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد قال حدثني محمد بن الربيع قال حدثني ابراهيم بن غالب قال حدثني محمد بن الربيع بن سليمان الازدي قال حدثني يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثني حجاج عن بن جريج عن عطاء بن السائب عن ابي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه عن النبي - ‏(‏وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

قال ‏(‏ربع الكتابة‏)‏ وبه عن بن جريج وعطاء بن السائب عن حبيب بن السائب عن عاصم بن ضمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وروى عبد الرزاق عن بن جريج الحديثين جميعا هكذا مرفوعين وقال بن جريج واخبرني غير واحد عن عطاء بن السائب انه كان يحدث بهذا الحديث لا يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم قال ابو عمر عطاء بن السائب تغير في اخر عمره فيما ذكر اهل العلم بالنقل فأتى منه مثل هذا وسماع بن جريج منه احرى وقد رواه عنهم اهل العلم بالنقل والجماعة مرفوعا فمن رواه عن عطاء عن ابي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه من قوله سفيان وشعبة ومعمر وحماد بن زيد وحماد بن سلمة والمسعودي وبن علية والمحاربي ومحمد بن فضل عن عطاء عن ابي عبد الرحمن عن علي موقوفا وكذلك رواه الثوري ايضا وقيس بن الربيع وليث بن ابي سلمة عن عبد الاعلى بن ابي عبد الرحمن قال شهدت عليا رضي الله عنه كاتب عبدا له على اربعة الاف فحط عنه الفا في اخر نجومه قال وسمعت عليا يقول ‏(‏وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

الربع مما تكاتبوهم عليه وروى يزيد بن هارون عن عبد الملك بن سليمان عن عبد الملك بن اعين عن ابي عبد الرحمن السلمي كاتب غلاما له على اربعة الاف فحط عنه الفا وقال لولا ان عليا فعل ذلك ما فعلته وقال مجاهد يترك له طائفة من كتابته وكان بن عمر يكره ان يضع عنه في اول نجومه مخافة ان يعجز وروي عن بن عباس يوضع عنه شيء ما كان وقال احمد بن حنبل يعطى مما كوتب عليه الربع لقول الله تعالى ‏(‏وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

وروي عن ابي اليسر كعب بن عمرو انه وضع عن مكاتبه السدس وعن ابي اسيد الساعدي مثله وقال قتادة يوضع عنه العشر قال ابو عمر تأول من ذهب هذا المذهب في ان على السيد ان يحط عن مكاتبه من مكاتبته في اخر نجومه او في سائرها او يعطيه من عند نفسه مما صار إليه منه من راى ذلك ندبا ومن راه واجبا قول الله تعالى ‏(‏وءاتوهم من مال الله الذي آتاكم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

منهم واما الذين ذهبوا إلى ان ذلك لم يخاطب به سادات المكاتبين وانما خوطب به سائر الناس في عون المكاتبين فمنهم بريدة الاسلمي رواه الحسن بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن ابيه في قوله تعالى ‏(‏وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم‏)‏ ‏[‏النور 33‏]‏‏.‏

قال حث الناس على ان يعينوا المكاتب وعن مجاهد مثله وعن الحسن قال حضوا على ان يعطوا المكاتب والمولى منهم عن ابراهيم مسألة وقال البطي انما اعين به الناس ليتصدقوا على المكاتبين عن زيد بن اسلم امر بذلك الولاة ليعطوهم من الزكاة قال مالك الامر عندنا ان المكاتب اذا كاتبه سيده تبعه ماله ولم يتبعه ولده الا ان يشترطهم في كتابته قال ابو عمر انما قال ذلك قياسا على العتق لان مذهبه ومذهب جماعة اهل المدينة ان العبد اذا عتق تبعه ماله وفي الكتابة عقد من الحرية وسنذكر وجوه الاقوال في ذلك في كتاب العتق ان شاء الله عز وجل وممن قال ان للمكاتب ماله اذا عقدت كتابته عطاء بن ابي رباح والحسن البصري وعمرو بن دينار وسليمان بن موسى وبن ابي ليلى وقال سفيان الثوري وابو حنيفة والشافعي والحسن بن صالح كل ما بيد العبد اذا كوتب من المال فهو لسيده وقال الاوزاعي ان لم يشترطه السيد فهو للمكاتب وان استثناه السيد فهو له واما قوله ولم يتبعه ولده فان المعنى فيه ان ولده ليسوا بمال بيده ولا ملك له وانما هم عبيد سيده فلا يدخلون في الكتابة الا بالشرط وهذا لا اعلم فيه خلافا ان اولاده عبيد السيد ليسوا تبعا له عند عقد كتابته انما يكون تبعا له اذا تسرى وهو مكاتب ثم ولد له من سريته وهؤلاء يدخلون معه بلا شرط ولو ولدوا له من سريته قبل الكتابة لم يدخلوا في كتابته الا ان يدخلهم بالشرط مع نفسه في كتابته فهذا مذهب جمهور العلماء من اهل الحجاز والعراق ذكر علي بن المديني وابو بكر بن ابي شيبة عن ابي معاوية عن الاعمش عن ابراهيم في رجل كاتب غلامه ثم اطلقه بعد الكتابة على سرية او ولد فقال ابراهيم السرية ما كانت عليه والولد وذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء انه قال له رجل كاتب عبده فكتمه ماله - رقيقا او عينا او غير ذلك - وولده - فقال ماله كله للعبد وولده لسيده وقالها عمرو بن دينار وسليمان بن موسى قلت لعطاء فلم تختلفان قال من اجل الولد ليس مثل ماله وروى حماد بن سلمة عن حماد الكوفي وداود بن ابي هند وعثمان البتي وحميد قالوا اذا اعتق الرجل عبده وله مال او ولد فماله له وولده مملوكون وروى الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول في رجل كاتب عبدا وله ام ولد لم يستثنها قال ام ولده له قال ابو عمر كل من يجيز له التسري فالسرية عنده مال من ماله وقد روى معمر عن قتادة عن الحسن في رجل كاتب عبدا له وله ولد من امته ولم يعلم بهم السيد وام الولد في كتابته قال انما كاتب على اهله وماله وولده من ماله ولا نعلم ماله غيره والله اعلم قال مالك في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل منه لم يعلم به هو ولا سيده يوم كتابته فانه لا يتبعه ذلك الولد لانه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده فاما الجارية فانها للمكاتب لانها من ماله قال ابو عمر هذا على ما قدمنا من اصله ان ولد المكاتب لا يدخل في الكتابة الا ان يكاتب عليه ويشترط في كتابته والحمل كالمولود اذا خرج إلى الدنيا واعتبر ذلك بالميراث قال مالك في رجل ورث مكاتبا من امراته هو وابنها ان المكاتب ان مات قبل ان يقضي كتابته اقتسما ميراثه على كتاب الله وان ادى كتابته ثم مات فميراثه لابن المراة وليس للزوج من ميراثه شيء قال ابو عمر هذا لانه اذا مات قبل ان يؤدي مات عبدا فورثه عنهما ورثتها وهم ابنها وزوجها كسائر مالها واما اذا ادى كتابته وقد لحق بأحرار المسلمين ولاؤه لسيدته إلى عقده كتابته وعنها يورث إلى ولائه فان مات لم يرث ولاءه الا عصبة سيدته دون ذوي الفروض من ورثتها وعلى هذا جمهور الفقهاء وسيأتي هذا المعنى في باب الولاء ان شاء الله تعالى قال مالك في المكاتب يكاتب عبده قال ينظر في ذلك فان كان انما اراد المحاباة لعبده وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك وان كان انما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له قال ابو عمر كتابة المكاتب لعبده جائزة عند مالك ما لم يرد بها المحاباة لانه ليس يجوز له في ماله امر يتلف به شيء منه دون عوض وانما يقدم منه على نفسه بالمعروف حتى يؤدي فيعتق واجاز كتابه المكاتب لعبده سفيان الثوري وابو حنيفة واصحابه والاوزاعي لانها عقد معاوضة وطلب فضل وان عجز كان رقيقا بحاله وللشافعي فيها قولان أحدهما جوازها والثاني ابطالها لأن النبي - صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏الولاء لمن اعتق‏)‏ ‏(‏ولا ولاء للمكاتب‏)‏ قال مالك في رجل وطىء مكاتبة له انها إن حملت فهي بالخيار ان شاءت كانت ام ولد وان شاءت قرت على كتابتها فان لم تحمل فهي على كتابتها قال ابو عمر عند غير يحيى في هذا الموضع قال مالك لا ينبغي ان يطأ الرجل مكاتبته فان جهل ووطىء ثم ذكر المسألة هذه بعينها ولا خلاف في ذلك عند مالك واصحابه وهو قول جمهور الفقهاء ائمة الفتوى وقد كان سعيد بن المسيب يجيز للرجل ان يشترط على مكاتبته وطأها وتابعه احمد بن حنبل وداود لانها ملكه يشترط فيها ما شاء قبل العتق قياسا على المدبرة وحجة سائر الفقهاء انه وطء تقع الفرقة فيه إلى اجل ات لا محالة فأشبه نكاح المتعة وممن قال ذلك الحسن البصري وبن شهاب وقتادة والثوري ومالك والاوزاعي وابو حنيفة والشافعي والليث بن سعد وابو سعيد وابو الزناد والحسن بن صالح بن حي واختلف فيها عن إسحاق فروي عنه مثل قول احمد وروي عنه مثل قول الجماعة واجمعوا انه اذا عجزت حل له وطؤها فأما الرواية عن سعيد فذكر احمد بن حنبل قال حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثني ابي قال حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب انه كان لا يرى بأسا ان يشترط على مكاتبته ان يغشاها حتى تؤدي كتابته واختلفوا فيما عليها اذا وطئها فقال يحيى بن سعيد وابو الزناد ان طاوعته فلا شيء لها وان استكرهها جلد وغرم لها صداق مثلها فان حملت كانت ام ولد وبطلت كتابتها وقال سفيان الثوري ومالك وابو حنيفة والحسن بن صالح والشافعي لا حد عليه ان وطئها كارهة أو مطاوعة الا ان الشافعي قال ان كان جاهلا عزر وان كان عالما عذر‏.‏

وقال مالك ان استكرهها عوقب لاستكراهه اياها وقال الحسن والزهري من وطىء مكاتبته فعليه الحد وقال الاوزاعي يجلد مائة جلدة بكرا كان او ثيبا وتجلد الامة خمسين جلدة وقال قتادة يجلد مائة الا سوطا وقال احمد بن حنبل ان وطىء مكاتبته ولم يشترط ادب وكان لها عليه مهر مثلها قال ابو عمر الصواب ما قاله مالك ومن تابعة لان كونها مملوكة ما بقي عليها شيء من كتابتها شبهة تدرا بها الحد عنها واما الصداق فأوجبه لها من اسقط الحد سفيان وابو حنيفة والشافعي واوجبه لها الحسن البصري وقتادة وهو ممن يرى الحد على سيدها في وطئها وقال ابو حنيفة هذا خطأ لا يجتمع عليه حد وصداق ابدا واما قول مالك في تخييرها اذا حملت ان شاءت كانت ام ولد وان شاءت مضت على كتابتها فهو قول الليث والثوري والشافعي وابي حنيفة واصحابه واحمد وروي ذلك عن الزهري وقال الحكم بن عتيبة تبطل كتابتها اذا حملت وتعتق بموت السيد ولا خيار لها قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين ان احدهما لا يكاتب نصيبه منه اذن له بذلك صاحبه او لم يأذن الا ان يكاتباه جميعا لان ذلك يعقد له عتقا ويصير اذا ادى العبد ما كوتب عليه إلى ان يعتق نصفه ولا يكون على الذي كاتب بعضه ان يستتم عتقه فذلك خلاف ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏من اعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل‏)‏ قال مالك فان جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب او قبل ان يؤدي رد إليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما وبطلت كتابته وكان عبدا لهما على حاله الاولى قال ابو عمر احتج مالك رحمه الله لمذهبه في هذه المسأله بما فيه كفاية واما اختلاف الفقهاء فيها فان الشافعي اختلف قوله في كتابة احد الشريكين حصته من عبد بينهما باذن شريكه وذكر المزني عن الشافعي قال لا يجوز ان يكاتب احد بعض عبد الا ان يكون باقية حرا ولا يجوز ان يعتق بعضا من عبد بينه وبين شريكه وان كان من اذن الشريك لان المكاتب لا يمنع من السعي والاكتساب قال ولا يجوز ان يكاتباه معا حتى يكونا فيه سواء قال ابو عمر وافق مالكا من هذه الجملة في انه لا يكاتب عبدا بينه وبين شريكه باذن الشريك ولا بغير اذنه قال المزني وقال في كتاب ‏(‏الاملاء‏)‏ على محمد بن الحسن واذا اذن احدهما لصاحبه ان يكاتبه فالكتابة جائزة وللذي يكاتبه ان يحتدمه يوما ويخليه والكسب يوما فان ابراه مما عليه كان نصيبه حرا وقوم عليه الباقي وعتق إن كان موسرا ورق ان كان معسرا واختار المزني القول الاول لقول الشافعي في موضع اخر لو كانت كتابتها فيه سواء فعجزه احدهما وانظره الاخر فسخت الكتابة بعد ثبوتها حتى يجتمعا على الاقامة عليها قال المزني فالابتداء بذلك اولى قال المزني ولا يخلوا ان تكون كتابه نصيبه كبيعه اياه فلا معنى لاذن شريكه وذكر الطحاوي ان ابا حنيفة كان يقول اذا كاتب نصيبه من العبد باذن شريكه كانت الكتابة جائزة وكان ما اداه المكاتب إلى الذي كاتبه يرجع فيه الذي لم يكاتب على الذي كاتب فيأخذ منه نصفه ثم يرجع الذي كاتب بذلك على المكاتب فيسأله فيه قال ومن كاتب عبدا له بينه وبين اخرين وكاتب نصفه بغير اذن شريكه كان لشريكه ابطال ذلك ما لم يرد العبد إلى مولاه الذي كاتبه ما كاتبه عليه فان لم يبطل المولى الذي لم يكاتبه المكاتبه حتى اداها العبد إلى الذي كاتبه عليها فانه قد عتق نصيبه بذلك وكان ابو حنيفة يقول ان كاتب المكاتبة وقعت على العبد كله كان للذي لم يكاتبه ان يرجع على الذي كاتبه بنصف ما قبض من العبد فأخذه منه ثم يرجع حكم العبد إلى حكم عبد بين رجلين اعتقه احدهما ولا يرجع المولى الذي كاتب على المكاتب بشيء من ما اخذه منه شريكه قال وان كانت المكاتبة وقعت على نصيبه من العبد كان الجواب كذلك ايضا غير انه يكون للمكاتب ان يرجع على العبد بما اخذه منه شريكه فيستسعيه فيه وقال ابو يوسف ومحمد سواء كانت المكاتبة وقعت من السيد على كل العبد او على نصيبه من العبد وهو كما قال ابو حنيفة فيها اذا وقعت على العبد وذكر الخرقي عن احمد بن حنبل قال واذا كاتب نصف عبد فأدى ما كوتب عليه ومثله لسيده الذي لم يكاتبه كان نصفه حرا بالكتابة ان كان الذي كاتبه معسرا وان كان موسرا اعتق كله وكانت نصف قيمته على الذي كاتب لشريكه هذا يدل على ان مذهبه جواز الكتابة لاحد الشريكين في نصيبه باذن شريكه وتغيير اذنه وذكر إسحاق بن منصور قال قيل لاحمد بن حنبل ان سفيان سئل عن عبد بين رجلين كاتب احدهما نصيبه منه قال اكره ذلك قيل فان فعل قال ارده الا يكون نفذه فان كان نفذه ضمن فأخذ شريكه نصف ما في يده يبيع هذا المكاتب بما اخذه منه ويضمن لشريكه نصف القيمة ان كانت له مال وان لم يكن له مال استسعى العبد فقال احمد كتابته جائزة الا ما كسب المكاتب اخذ الاخر نصف ما كسب واستسعى العبد قال إسحاق هو كما قال احمد لانا نلزم السعاية العبد اذا كان بين اثنين فكاتبه احدهما فلم يؤد إليه كل ما كاتبه عليه حتى اعتق الاخر نصيبه وهو موسر وقد صار العبد كله حرا ويرجع الشريك على المعتق بنصف قيمته قال ابو عمر هذا على اصل احمد في اجازته بيع المكاتب وكان الحكم بن عتيبة يجيز كتابة احد الشريكين حصته باذن شريكه وبغير اذنه وهو قول بن ابي ليلى وقال بن ابي ليلى ولو ان الشريك الذي لم يكاتب اعتق العبد كان عتقة باطلا حتى ينظر ما تؤول إليه حال المكاتب فان ادى الكتابة عتق وضمن الذي كاتبه نصف قيمته لشريكه وكان الولاء كله له قال مالك في مكاتب بين رجلين فأنظره احدهما بحقه الذي عليه وابي الاخر ان ينظره فاقتضى الذي ابى ان ينظره بعض حقه ثم مات المكاتب وترك مالا ليس فيه وفاء من كتابته قال مالك يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته فان ترك المكاتب فضلا عن كتابته اخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة وكان ما بقي بينهما بالسواء فان عجز المكاتب وقد اقتضى الذي لم ينظره اكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين ولا يرد على صاحبه فضل صاحبه فضل ما اقتضى لانه انما اقتضى الذي له باذن صاحبه وان وضع عنه احدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه ثم عجز فهو بينهما ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئا لانه انما اقتضى الذي له عليه وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد فينظره احدهما ويشح الاخر فيقتضي بعض حقه ثم يفلس الغريم على الذي اقتضى ان يرد شيئا مما اخذ قال الشافعي لو اذن احدهما لشريكه ان يقبض نصيبه فقبضه ثم عجز ففيها قولان احدهما يعتق نصيبه ولا يرجع عليه شريكه ويقوم عليه الباقي ان كان موسرا وان كان معسرا فجميع ما في يده للذي يبقى له فيه الرق لانه يأخذه بما بقي له من الكتابة فان كان فيه وفاء عتق والا عجز بالباقي وان مات بعد العجز فما في يديه بينهما نصفان يرث احدهما بقدر الحرية والاخر قدر العبودية والقول الثاني لا يعتق ويكون لشريكه ان يرجع عليه فيشركه فيما قبض لانه اذن له وهو لا يملكه قال المزني هذا اشبه بقوله اذا ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه درهم‏)‏ وما في يديه موقوف ما بقي عليه درهم فليس معناه فيما اذن له بقبضه الا بمعنى استبقي بقبض النصف حتى استوفى مثله فليس يستحق بالسبق ما ليس له وروى الربيع عن الشافعي في هذه المسأله قال فاذا كان المكاتب بين اثنين ‏!‏ فأذن احدهما لصاحبه بأن يقبض فقبضه منه ثم عجز المكاتب بأولها فسواء ولهما ما في يديه من المال نصفين ان لم يكن استوفى المأذون له جميع حقه من المكاتبة فلو كان المأذون له استوفى جميع حقه من الكتابة ففيها قولان فمن قال يجوز ذلك ما قبض ولا يكون لشريكه ان يرجع فلشريكه قبضين شريكه منه حر يقوم عليه ان كان موسرا وان كان معسرا فنصيبه حر فان عجز فجميع ما في يديه للذي بقي له فيه الرق وانما جعلت ذلك له لانه تأخذ له بما يبقى له في الكتابة ان كان له فيه وفاء عتق به وان لم يكن له في وفاء أخذه بما بقي له في الكتابة وعجزه بالباقي وان مات فالمال بينهما نصفان يرثه بقدر الحرية التي فيه ويأخذ هذا ماله بقدر العبودية والقول الثاني لا يعتق ويكون لشريك ان يرجع عليه فيشركه فيما اذن له به لانه اذن له به وهو لا يملكه واذنه له بالقبض وغير اذنه سواء فان قبضة لم يتركه له فانما هي هبة وهبها له يجوز اذا قبضها قال عبد الله بن محمد القزويني انما جعل الشافعي للذي بقي له فيه الرق ان يستأذن منه الكتابة فان عجز كان ما في يديه من المال له يأخذه بما بقي من الكتابة عليه وليس لهذا الذي قد عتق نصفه ان يقول بالعجز لي نصف ما في يدك لان نصفي حر ولكن يأخذه سيده الذي له فيه الرق بحقه من الكتابة فان كان فيه وفاء عتق والا كان التعجيز بعد ذلك وذكر البخاري عن ابي حنيفة واصحابه قال وان كانت المكاتبة وقعت من الذي كاتب باذن شريكه في ذلك وفي قبض المكاتبة لم يكن لشريك الذي لم يكاتب ان يرجع على الذي كاتب بشيء ما يقبضه من المكاتبة اذا قبض المكاتب جميع الكتابة عتق المكاتب وهو حكمه كحكم عبد بين رجلين اعتقه احدهما‏.‏

باب الحمالة في الكتابة

1501- قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا ان العبيد اذا كوتبوا جميعا كتابة واحدة فان بعضهم حملاء عن بعض وانه لا يوضع عنهم لموت احدهم شيء وان قال احدهم قد عجزت والقى بيديه فان لاصحابه ان يستعملوه فيما يطيق من العمل ويتعاونون بذلك في كتابتهم حتى يعتق بعتقهم ان عتقوا ويرق برقه ان رقوا قال ابو عمر اختلف الفقهاء في هذه المسالة فروى فيها سفيان كقول مالك وقال ابو حنيفة واصحابه لا يكون لعبيد اذا كاتبهم سيدهم كتابة واحدة حملا بعضهم عن بعض الا ان يكاتب الرجل عبديه كتابة واحدة معلومة ويشترط عليهما انها ان اديا عتقا وان عجزا ردا في الرق فان لم يشترط ذلك عليهما لم يكونا حميلين بعضهما عن بعض فان اشترط ذلك في عقد الكتابة كان للسيد ان ياخذ كل واحد منهما بالكتابة كلها فايهما اداها إليه عتق وعتق صاحبه وكان له ان يرجع على صاحبه ‏(‏بحصته منها وكذلك ما اداه من الكتابة في شيء كان له ان يرجع على صاحبه بشيء ولو لم يشترط في الكتابة انهما اذا اديا عتقا وان عجزا ردا وكاتبهما على الكراء وشيء معلوم ولم يذكر شيئا غير ذلك كانت الكتابة جائزة وكان على كل واحد منهما الا بالشرط وهذا لا اعلم فيه خلافا ان اولاده عبيد لسيده ليسوا تبعا له عند عقد كتابته وانما يكون تبعا له اذا تسرى وهو مكاتب ثم ولد له من سريته وهؤلاء يدخلون معه بلا شرط ولو ولدوا له من سريته قبل الكتابة لم يدخلوا في كتابته الا ان يدخلهم بالشرط مع نفسه في كتابته فهذا مذهب جمهور العلماء من اهل الحجاز والعراق وذكر علي بن المديني وابو بكر بن ابي شيبة عن ابي معاوية عن الاعمش عن ابراهيم في رجل كاتب غلامه ثم اطلعه بعد الكتابة ان له سرية وولد فسريته فيما كانت عليه وولده رقيق للسيد الذي كاتبه وقال عطاء وعمرو بن دينار وسليمان بن موسى لا يكون احد العبيد المكاتب حملا عن غيره سواء قال سيده واشترطه ام لا لانه ان عجز عاد عبدا فليس دينه بلازم واما الشافعي فلا يجوز عنده ان يحتمل احد العبيد عن صاحبه شيئا من الكتابة التي اكرهوا عليها قال فان اشترط ذلك عليهم السيد فالكتابة فاسدة قال الشافعي ولو كانت ثلاثة اعبد له كتابة واحدة على مائة منجمة في سنين على انهم اذا ادوا اعتقوا كانت جائزة فالمائة مقسومة على قيمتهم يوم كوتبوا فايهم ادى حصته اذا عتق عجز وايهم عجز رق وايهم مات قبل ان يؤدي مات رقيقا كان له ولد او لم يكن قال وان ادى احدهم عن غيره باذنه ويرجع عليه وان تطوع وعتقوا لم يكن له الرجوع قال ابو عمر على قول مالك من مات من الذين كوتبوا كتابة واحدة لم تسقط حصته من الكتابة وكذلك لو عجز عن السعي وعلى الباقين السعي في جميع الكتابة حتى يؤدوها وان لم يؤدوها عجزوا ورجعوا رقيقا وغير الشافعي يسقط حصة الميت من الكتابة ويسعى الباقون في حصصهم لا غير وعلى كلا القولين جماعة من السلف قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا ان العبد اذا كاتبه سيده لم ينبغ لسيده ان يتحمل له بكتابة عبده احد ان مات العبد او عجز وليس هذا من سنة المسلمين وذلك انه ان تحمل رجل لسيد المكاتب بما عليه من كتابته ثم اتبع ذلك سيد المكاتب قبل الذي تحمل له اخذ ماله باطلا لا هو ابتاع المكاتب فيكون ما اخذ منه من ثمن شيء هو له ولا المكاتب عتق فيكون في ثمن حرمة ثبتت له فان عجز المكاتب رجع إلى سيده وكان عبدا مملوكا له وذلك ان الكتابة ليست بدين ثابت يتحمل لسيد المكاتب بها انما هي شيء ان اداه المكاتب عتق وان مات المكاتب وعليه دين لم يحاص الغرماء سيده بكتابته وكان الغرماء اولى بذلك من سيده وان عجز المكاتب وعليه دين للناس رد عبدا مملوكا لسيده وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته قال ابو عمر على قول مالك في هذا ان الحمالة لا تصح على غير المكاتب لسيده جمهور اهل العلم وهو قول الثوري وابي حنيفة والشافعي واحمد وقد احتج كذلك مالك فاحسن ذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء نحو قول مالك واحتجاجه وكان الزهري وبن ابي ليلى يجيزان الحمالة عن بن المكاتبة وبه قال إسحاق قال ابو عمر فان تحمل اخر بالكتابة فالحمالة باطل عند مالك وبن القاسم والكتابة صحيحة وقال اشهب الحمالة باطل فالسيد يخير في امضاء الكتابة بلا حمالة او ردها واما قوله ‏(‏ان مات المكاتب لم يحاص السيد الغرماء‏)‏ يعني بما بقي من كتابته او بما حمل من نجومه فهو قول ابي حنيفة والشافعي واصحابهما وهو قول اهل المدينة والبصرة وقال شريح والشعبي وابراهيم والحكم وحماد وسفيان والحسن بن حي وبن ابي ليلى وشريك يضرب السيد مع الغرماء قال مالك اذا كاتب القوم جميعا كتابة واحدة ولا رحم بينهم يتوارثون بها فان بعضهم حملاء عن بعض ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها فان مات احد منهم وترك مالا هو اكثر من جميع ما عليهم ادي عنهم جميع ما عليهم وكان فضل المال لسيده ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك لان الهالك انما كان تحمل عنهم فعليهم ان يؤدوا ما عتقوا به من ماله وان كان للمكاتب الهالك ولد حر لم يولد في الكتابة ولم يكاتب عليه لم يرثه لان المكاتب لم يعتق حتى مات قال ابو عمر قد تقدم ان العبيد اذا كاتبهم سيدهم كتابة واحدة فهم عند مالك حملاء بعضهم عن بعض وسواء كانت بينهم رحم يتوارثون بها او لم تكن الا ان الذين بينهم رحم يتوارثون بها اذا مات احدهم وترك من المال اكثر مما تؤدى منه الكتابة اديت منه وما فضل ورثوه عنه بارحامهم وبانهم مساوون في الحال ولا يرثه الولد الحر لانه مات عبدا وعند الشافعي لا يرثه احد من ورثته كانوا معه في الكتابة او كانوا احرارا قبل ذلك لانهم حين مات عبيد ومات هو عبدا فماله للسيد وعند الكوفيين يعتق ماله الذي ترك ويرثه الاحرار من ولده وقد تقدم ذكر ذلك كله واما اذا لم تكن بينهم رحم يتوارثون بها فهم رحماء عند مالك روى الحكم ما وصف وهو على اصله كلام صحيح يعتقون في ذلك الحال ويضمنون به ما يعتقون من السيد من اجل الحمالة لانه مال مكاتب له كان عبدا قبل ان يؤدي ما عليه وهو مال السيد بعد ان يؤدي منه ما تحمله عن من معه في الكتابة فيعتق به ويغرم ذلك للسيد واما الشافعي فلا يكون واحد منهم عنده حميلا على صاحبه والمال كله للسيد ويسعون في حصصهم على قدر قيامهم فان ادوا ذلك عتقوا بشرط الكتابة والا فهم عبيد ان عجزوا عن الاداء وعند الكوفيين لا يكونون حملاء الا ان يشترط ذلك عليهم السيد في الكتابة ولم يختلفوا في مكاتب او مكاتبة كاتبت على بنيها فادت جميع الكتابة عنها وعنهم او ادى الكتابة منهم انه لا يرجع من اداها منهم بشيء على غيره لانه لا يرجع على من يعتق عليه قال ابو عمر القياس ان لا تصح حمالة المكاتبين بعضهم عن بعض كما لا تصح حمالة الاجنبية عنهم لان الكتابة ليست بثابتة لعوضها بالموت والعجز ايضا ولا يضرب بما حمل منها السيد مع الغرماء عند جمهور العلماء وهو قول الثلاثة الفقهاء ائمة الفتوى مالك والشافعي وابو حنيفة واصحابهم ومعلوم انه اذا كان العبد مكاتبا ما بقي عليه شيء من كتابته ومات قبل ان يؤديها فقد مات عبدا اذا لم يؤد كتابته كلها واذا مات عبدا فماله لسيده فكيف يؤدي من مال السيد عن بني مكاتبة وهم لم يستحقوا ميراثا وقد اجمعوا ان العبد لا يرثه حر ولا عبد وان ماله لسيده واجمعوا ان الميراث انما يستحق بالموت في حينه فكيف يعتق من معه من ورثته بالاداء عنهم من ماله بعد وفاته ويرثونه بعد هذا محال لانه لا يخلو ان يكونوا احرارا حين مات ابوهم او عبيدا حين مات ثم عتقوا بعد فاحرى ان لا يرثوه وهذا قول عمر وابنه عبد الله بن عمر وسالم والقاسم وقتادة وجماعة وهو قول الشافعي وبن شهاب والله الموفق للصواب وقد اجمع الفقهاء ان المكاتب عبد ما بقي من كتابته شيء وانه ان مات في حياة سيده او بعد وفاته ولم يترك وفاء الكتابة انه مات عبدا وما يخلفه من مال فلسيده وانما واختلفوا اذا ترك من المال وفاء بالكتابة وفضلا‏.‏

باب القطاعة في الكتابة

1502- مالك انه بلغه ان ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق قال ابو عمر انما ذكر مالك عن ام سلمة هذا لان بن عمر كان ينهى ان يقطع احد لمكاتبه الا بالعروض ويراه من باب ضع وتعجل قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الشريكين فانه لا يجوز لاحدهما ان يقاطعه على حصته الا باذن شريكه وذلك ان العبد وماله بينهما فلا يجوز لاحدهما ان ياخذ شيئا من ماله الا باذن شريكه ولو قاطعه احدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك ثم مات المكاتب وله مال او عجز لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله ولم يكن له ان يرد ما قاطعه عليه ويرجع حقه في رقبته ولكن من قاطع مكاتبا باذن شريكه ثم عجز المكاتب فان احب الذي قاطعه ان يرد الذي اخذ منه من القطاعة ويكون على نصيبه من رقبة المكاتب كان ذلك له وان مات المكاتب وترك مالا استوفى الذي بقيت له الكتابة حقه الذي بقي له على المكاتب من ماله ثم كان ما بقي من مال المكاتب بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصصهما في المكاتب وان كان احدهما قاطعه وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجزالمكاتب قيل للذي قاطعه ان شئت ان ترد على صاحبك نصف الذي اخذت ويكون العبد بينكما شطرين وان ابيت فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصا قال ابو عمر ذكر بن عبد الحكم هذه المسالة عن مالك وقد قيل انه قاطع بغير اذن شريكه ثم مات فانه لم ياخذ الذي ما بقي من المال ثم يقتسمان الفضل فان عجز فاراد ان يرد عليه نصف ما فضله ويكون على نصيب من العبد فذلك له والاذن وغير الاذن سواء اذا اراد ان يرد ما يفضله به وانما يفترق اذا اراد المقاطع ان يحبس قاطعه عليه ويسلم حصته في العبد ويابى ذلك الذي لم يقاطع فذلك للذي اباه ولا يكون ذلك للذي قاطع والقول الاول احب الينا قال ابو عمر قد تقدم من اصل مذهب الكوفي والشافعي فهي قبض الشريك من كتابة المكاتب دون اذن شريكه وباذنه والحكم في ذلك عندهم ما اغنى عن تكراره هنا وما قاله مالك فعلى اصله وعليه اصحابه الا اشهب فانه خالفه في شيء منه وروى اشهب عن مالك انه قال في المقاطع من الشريكين اذا مات المكاتب فهو بالخيار ان شاء تمسك بانقطاعه وكانت تركه المكاتب للمتمسك وان شاء رد على صاحب نصف ما قاطع به المكاتب وكانت التركة بينهما وقال اشهب ولست ارى ما قال وارى ان يستوفي المتمسك ما بقي له من الكتابة والباقي بعد ذلك بينهما ان بقي شيء وفي ‏(‏المدونه‏)‏ لابن القاسم مثل قول اشهب ولم يختلفوا في المكاتب يقاطعه احد سيديه ثم يعجز انه على ما ذكره مالك في ‏(‏موطئه‏)‏ هذا اذا قاطعه الشريك باذن شريكه فان قاطعه بغير اذنه ثم عجز المكاتب كان الشريك الذي لم يقاطع بالخيار ان شاء رد ذلك وان شاء اجازه قال اشهب فان اجازه رجع بالخيار إلى المقاطع وروى بن نافع عن مالك ان المقاطع لا يرجع في مال المكاتب ولا في رقبته الا ياخذ المتمسك نصف ما قاطعه به ويرده من نصيبه إلى رقبة العبد ان عجز او من ميراثه ان مات لانه صنع ما لم يكن له جائزا‏.‏

وقال الشافعي ‏(‏في المزني‏)‏ لو كان المكاتب بين اثنين فوضع عنه احدهما نصيبه من الكتابة فهو كعتقه ويقوم عليه ان كان موسرا وكذلك ان ابراه مما عليه والولاء له وقول المغيرة في ذلك كقول الشافعي وقال بن القاسم لا يعتق بذلك لانه وضع مال قال ابو عمر في هذا الباب في ‏(‏الموطا‏)‏ مسائل فمعناها ومعنى ما تقدم سواء فلم اذكرها واما قوله في هذا الباب قال مالك في المكاتب يقاطعه سيده ثم يعتق ويكتب ما بقي عليه من قطاعته دينا عليه ثم يموت المكاتب وعليه دين للناس قال مالك فان سيده لا يحاص غرماءه باللذي عليه من قطاعته ولغرمائه ان يبدوا عليه قال ابو عمر قد ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب ان اهل المدينة ومكة والبصرة وابا حنيفة واصحابه من اهل الكوفة قولهم في هذه المسالة كقول مالك وهو قول الشافعي والاوزاعي ان غرماء المكاتب اذا مات وترك مالا يبدون في ذلك ولا يحصهم سيد المكاتب بشي من ماله عليه من قطاعة او نجامة وان شريحا والشعبي والحكم بن عتيبة وابراهيم النخعي وحماد بن ابي سليمان وبن ابي ليلى وسفيان الثوري والحسن بن حي ‏(‏بن صالح‏)‏ كانوا يقولون يضرب السيد مع غرماء المكاتب بما له عليه مما ترك من المال قال مالك ليس للمكاتب ان يقاطع سيده اذا كان عليه دين للناس فيعتق ويصير لا شيء له لان اهل الدين احق بماله من سيده فليس ذلك بجائز له قال ابو عمر هذا كما قال وهو قول الجمهور الذين يرون اهل الدين احق به من السيد لان المكاتب اذا قاطع سيده وهو لا مال عنده الا ما قد اغترقه الدين ولا قوة به على الاكتساب فقد غره واذا غره فقد بطل ما فعله من المقاطعة وعاد في رقبته وقد اختلف الفقهاء في افلاس المكاتب فقال مالك ياخذ الغرماء ما وجدوا ولا سبيل لهم إلى رقبته وهو قول الشافعي والكوفي وقال سفيان الثوري اذا عجز المكاتب وعليه ديون للناس فعلى السيد ان يبتداه اذا اسلمه والا اسلمه اليهم وبه قال احمد واسحاق قال مالك الامر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب فيضع عنه مما عليه من الكتابة على ان يعجل له ما قاطعه عليه انه ليس بذلك باس وانما كره ذلك من كرهه لانه انزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى اجل فيضع عنه وينقده وليس هذا مثل الدين انما كانت قطاعة المكاتب سيده على ان يعطيه مالا في ان يتعجل العتق فيجب له الميراث والشهادة والحدود وتثبت له حرمة العتاقة ولم يشتر دراهم بدراهم ولا ذهبا بذهب وانما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه ائتني بكذا وكذا دينارا وانت حر فوضع عنه من ذلك فقال ان جئتني باقل من ذلك فانت حر فليس هذا دينا ثابتا ولو كان دينا ثابتا لحاص به السيد غرماء المكاتب اذا مات او افلس فدخل معهم في مال مكاتبه قال ابو عمر هذه المسالة في معنى حديث ام سلمة المذكور في اول هذا الباب وقد اختلف العلماء فيها فكان بن عمر يكره ذلك ولا يجيزه فخالف في ذلك ام سلمة وبقول بن عمر قال في ذلك الليث بن سعد واحمد واسحاق وهو قول الشافعي لان حكم المكاتب في ما يملكه غير حكم العبد ليس للسيد اخذ شيء من ماله غير نجامته فاشبه الحر والاجنبي في هذا المعنى ذكر المزني عن الشافعي قال ولو عجل له بعض الكتابة على ان يبراه من الباقي لم يجز ورد عليه ما اخذ ولم يعتق لانه ابراه مما لم تبرا منه وروى الربيع عن الشافعي قال وان كانت نجومه غير حالة فسالة ان يعطيه بعضها حالا على ان يبراه من الباقي فيعتق لم يجز ذلك كما لا يجوز في دين إلى اجل على حر ان يتعجل بعضه على ان يضع له بعضا وقال الطحاوي عن الكوفيين في من كاتب عبدا له على مال إلى اجل ثم صالحه قبل حلول الاجل على ان يعجل له بعض ذلك المال ويبرأ من بقيته لم يجز فيما روى اصحاب ‏(‏ الاملاء‏)‏ عن ابي يوسف من قوله واما محمد فروى عن ابي يوسف عن ابي حنيفة ان ذلك جائز واختار الطحاوي ما روى اصحاب ‏(‏الاملاء‏)‏ عن ابي يوسف وقال بن شهاب وربيعة وابو الزناد وعبد الله بن يزيد وجابر وبن هرمز ومالك وابو حنيفة واصحابهما ذلك جائز وهو قول الشعبي وابراهيم وطاوس والحسن وبن سيرين وقال الزهري ما علمت احدا كرهه الا بن عمر قال ابو عمر اما العبد فليس بينه وبين سيده ربا عند اكثر العلماء واما المكاتب فليس لسيده إلى ماله سبيل غير ما كاتبه عليه الا ان يعجز وكره مالك ان يبيع من عبده الماذون له او مكاتبه درهما بدرهمين يدا بيد نسيئة واجاز ذلك الشافعي وقال بن القاسم في المكاتب يحيل سيده بنجم لم يحل على دين له على رجل انه لا يجوز من اجل الدين بالدين وقال سحنون هو جائز قال وقوله باجازة القطاعة يرد هذا وبالله التوفيق‏.‏

باب جراح المكاتب

1503- قال مالك احسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحا يقع فيه العقل عليه ان المكاتب ان قوي على ان يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته اداه وكان على كتابته فان لم يقو على ذلك فقد عجز عن كتابته وذلك انه ينبغي ان يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة فان هو عجز عن اداء عقل ذلك الجرح خير سيده فان احب ان يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وامسك غلامه وصار عبدا مملوكا وان شاء ان يسلم العبد إلى المجروح اسلمه وليس على السيد اكثر من ان يسلم عبده قال ابو عمر اختلاف الفقهاء في هذه المسالة متقارب يجمله قول مالك في المكاتب انه ان قوي على اداء ارش الجناية مع الكتابة والا عجز فاذا عجز كان سيده مخيرا بين اسلامه واداء ارش الجناية وقال بن القاسم عن مالك اذا جنى المكاتب قال له القاضي اد والا اعجزتك ولم اسمعه يفرق بين عجزه قبل القضاء وبعده‏.‏

وقال الشافعي اذا جنى المكاتب فعلى سيده الاقل من قيمته عبدا يوم الجناية وارش الجناية كما لو جنى وهو عبد فان قوي على ادائها قبل الكتابة فهو مكاتب وان عجز عنها خير الحاكم سيده بين ان يفديه بالاقل من ارش الجناية او يسلمه فان ابى بيع في الجناية فاعطى اهل الجناية حقوقهم دون من داينه ببيع او غيره لان ذلك في ذمته ومن اعتق اتبع به والجناية في رقبته وسواء كانت الجنايات مفترقة او معا او بعضها قبل التعجيز او بعده يتحاصون في ثمنه وان ابراه بعضهم كان ثمنه للباقين بينهم وقول احمد واسحاق في ذلك كقول الشافعي وقال ابو حنيفة واصحابه الا زفر في مكاتب جنى جناية ثم عجز قبل ان يقضى عليه قيل لمولاه ادفعه او افده وان قضي عليه بقيمة الجناية ثم عجز فانه يباع فيها وقال زفر اذا عجز قبل القضاء أو بعده فانه يباع في الجناية قال مالك في القوم يكاتبون جميعا فيجرح احدهم جرحا فيه عقل قال مالك من جرح منهم جرحا فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة ادوا جميعا عقل ذلك الجرح فان ادوا ثبتوا على كتابتهم وان لم يؤدوا فقد عجزوا ويخير سيدهم فان شاء ادى عقل ذلك الجرح ورجعوا عبيدا له جميعا وان شاء اسلم الجارح وحده ورجع الاخرون عبيدا له جميعا بعجزهم عن اداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم قال ابو عمر هذا انما قاله مالك على اصله في المكاتبين كتابة واحدة انهم حملاء بعضهم عن بعض واصله في ان الجناية مقدمة على الكتابة فاذا عجزوا عن اداء الجناية فقد عجزوا واذا عجزوا عادوا عبيدا واما الشافعي والكوفي واكثر الفقهاء فانهم يقولون لا ياخذ بالجناية الا جانيها وحده فان عجز عن ادائها بيع فيها على ما تقدم من تلخيص ذلك عنهم قال مالك الامر الذي لا اختلاف فيه عندنا ان المكاتب اذا اصيب بجرح يكون له فيه عقل او اصيب احد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته فان عقلهم عقل العبيد في قيمتهم وان ما اخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة ويحسب ذلك للمكاتب في اخر كتابته ثم فصل ذلك بما لا يشكل من انه اذا ضم عقل الجرح إلى ما يقبضه من المكاتب فتأدى من ذلك جميع الكتابة فهو حر وان كان عقل الجرح اكثر من الكتابة قبض المكاتب لنفسه وهو حر قال مالك ولا ينبغي ان يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه فان عجز رجع إلى سيده اعور او مقطوع اليد او معضوب الجسد وانما كاتبه سيده على ماله وكسبه ولم يكاتبه على ان يأخذ ثمن ولده ولا ما اصيب من عقل جسده فيأكله ويستهلكه ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته او كاتب عليهم يدفع إلى سيده ويحسب ذلك له في اخر كتابته قال ابو عمر على ما ذكره مالك في هذا الباب مذهب كل من قال ‏(‏المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء‏)‏ يعنون في جراحاته وحدوده واما من قال بقول علي - رضي الله عنه - يؤدي المكاتب بقدر ما ادى دية الحر وبقدر ما بقي عليه دية عبد فانه يقسم دية جراحاته على ذلك فما صار منها للحرية قبضه وما صار منها للعبودية دفع إلى سيده فعد له في كتابته ذكر عبد الرزاق عن الثوري قال قال اصحابنا جناية المكاتب على نفسه انه ان جرح جراحة فهي عليه في قيمته لا تجاوز قيمته واذا اصيب بشيء كان له قال الثوري اما نحن فنقول هي في عنق المكاتب واخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن ابراهيم قال يضمن مولاه قيمته قال الحكم وقال الشعبي يضمن مولاه قيمتها وقال الحكم جناياته دين عليه يسعى فيها قال واخبرنا بن جريج قال قلت لعطاء المكاتب ان جر جريرة من يؤخذ بها قال سيده وقالها عمرو بن دينار قال ابو عمر يحتمل ان يكون قوله يؤخذ بها ان يسلمه في كتابته فإن لم يسلمه يحتمل ان لا يكون عليه اكثر من قيمته لانها البدل من اسلامه ويحتمل ان يكون لما ابى من اسلامه فقد رضي بأرش الجريرة ما بلغت والاصح انه لا يلزمه اكثر من قيمته لان جنايته في رقبته قال بن جريج قلت لعطاء فان اصيب المكاتب بجرح فلمن ارشه قال له وقالها عمرو بن دينار قلت من اجل انه احرز ذلك كما احرز ماله قال نعم‏.‏